تحت الركام الذي حلّ بأهل غزة ..
تحت الركام الذي حلّ بأهل غزة ..
حكاية أبو عدنان الذي بقى حياً تحت أنقاض منزله برفقة ست عشرة جثة
غزة - فارس : دمار و خراب ، أكوام ركام ، شظايا ، صواريخ و قنابل من كل الانواع ، سحابات دخان أسود و أخرى بيضاء غطّت سماء غزة الحزينة و أحرقت جثث عشرات الشهداء و أجساد مئات الجرحى، هذا ما خلفته دبابات الاحتلال الصهيونية و طائراته الحربية في حي تل الهوى جنوب مدينة غزة .
و أفاد تقرير مراسل وكالة أنباء فارس في غزة ، أن أياماً سوداء عاشها سكان هذا الحي الذي يعج بالمدنيين الأبرياء ، لافتاً إلى أن أيام لا تنسى شاهدها الصغار و الكبار على حدٍ سواء خلال تواجد الاحتلال لمدة 48 ساعة ، فلم ينسوا مطلقاً تلك الساعات الطويلة التي قضوها دون غداء ، دون ماء ، دون أمن و لا أمان ، ساعات و أيام لم يسمعوا فيها سوى صوت هدير الدبابات و قصف الطائرات و آهات المستغيثين التي كانت تتعالى من كل مكان .
و لم يسلم أي مكان في قطاع غزة من الهدم و الدمار فقد استهدفت الطائرات الصهيونية كل الأماكن التي تعتبر من المحرمات ، قصف المساجد ، قصفت المنازل ، قصفت الجامعات و قصفت أيضاُ المستشفيات فلم ترحم آهات و آلام المرضى و الجرحى فيها .
هكذا تبدو غزة اليوم حزينة مدمرة و كأن زلزال أصابها أو كابوساً مرعباً حل بأهلها و أخرجهم من بيوتهم إلى الشوارع و أرصفة الطرقات باحثين عن الأمن في مدينة فقدت كل معاني الأمان .
فأن تسقط شهيداً في سبيل الله و الوطن أو يلقى بك معاقاً أمر بات اعتيادياً بالنسبة لأهالي قطاع غزة ، و لكن الأصعب من هذا كله أن تضطر للبقاء حياً تحت الأنقاض برفقة ست عشرة جثة، هذا ما حدث لأبي عدنان سموني الذي لن ينسى بالتأكيد تفاصيل هذه التجربة مطلقاً.
أربعة أيام بلياليها اضطر أبو عدنان لقضائها تحت الأنقاض أيام لم ير فيها سوى الجثث المتفحمة و الأشلاء المقطعة و لم يشم خلالها سوى رائحة الموت التي كانت تنبعث من كل مكان .
و أمام أعين أحبته و دويه كانت القذائف تتساقط على البيت الذي اعتقد أبو عدنان أنه آمن ، لم يدرك حينها أن المدنيين الأبرياء و بيوتهم البسيطة هي الهدف في تلك الهجمة الوحشية التي لازالت تشن على قطاع غزة .
العشرات من الأحبة و الأقارب فقدهم أبو عدنان في هده الحرب الدامية و عشرات آخرون لا زالت جروحهم تنزف و آهاتهم تتعالى و لا زال خطر الموت يهدد الكثيرين من أصحاب هذه الجروح التي تعجز مستشفيات قطاع غزة المتواضعة عن علاجها .
فقصص و روايات كثيرة تعج بها حياة الفلسطينيين في قطاع غزة اليوم ، قصصٌ تفوق الخيال ويبدع في رسمها الاحتلال الصهيوني الذي لا يرحم أحداً ، فقصص عددها بعدد البشر و الشجر و الحجر في غزة .