--------------------------------------------------------------------------------
مدينة قلقيلية عبر التاريخ
كانت قلقيلية في عهد المماليك قرية من أعمال جلجوليا، وفي العهد العثماني أصبحت ناحية من نواحي قضاء طولكرم وعرفت باسم ناحية الحرم نسبة إلى حرم سيدنا علي، ورزحت قلقيلية كغيرها من المدن الفلسطينية تحت الحكم العثماني حتى وقوع فلسطين تحت الانتداب البريطاني في أعقاب الحرب العالمية الأولى، وقد شارك سكانها إخوانهم في المدن الفلسطينية الأخرى. في مقاومة الاحتلال الإنجليزي والعصابات الصهيونية، وفي أعقاب حرب عام 1948 وتطبيق اتفاقية رودس للهدنة عام 1949 فقدت قلقيلية مساحة كبيرة من أراضيها الزراعية الخصبة التي تقع غرب خط الهدنة. وفي حزيران عام 1953 وقع اشتباك مسلح على الحدود صرح موشي دايان قائلاً: سأحرث قلقيلية حرثاً، وذلك بعد أن رأى بسالة أهلها. وفي مساء يوم 10/10/1956 شنت القوات الإسرائيلية عدواناً كبيراً على قلقيلية اشتركت فيه الطائرات والدبابات وراح ضحيته أكثر من 70 شهيدا.
المدينة بين العامين (1961 - 1980): كان على قلقيلية أن تواجه واقعها المؤلم الجديد و انكماش أراضيها الزراعية و زيادة عدد سكانها منذ أوائل الخمسينات, إذ بلغ عدد سكانها الأصليين حسب تعداد 1961 نحو 9,000 نسمة و السكان الاجئين إليها نحو 3,000نسمة. فاضطر سكانها إلى التشمير عن سواعد الجد و بدؤوا يستصلحون الأرض الجبلية و يعدونها للزراعة و حفروا الكثير من الآبار للتعويض عن الآبار المفقودة.
أخذ عدد السكان يتزايد تدريجيا نتيجة الهجرة إليها منالقرى المجاورة و اتسعت الرقعة العمرانية و تحسن نوع مبانيها فأصبحت مساكنها العصرية من الحجر الأبيض و الإسمنت. وبلغ مجموع الأبنية فيها عام 1961 نحو 2,121 بناء. و في عام 1971 ضمت قلقيلية 8 مدارس و معهدا شرعيا و مسجدين و مركزا طبيا عدا المحلات التجارية الحديثة و المقاهي والأفران. و تتوافر فيها المرافق العامة الأخرى كشبكة المياه التي تصل إلى معظم بيوتها و الكهرباء والمسلخ الحديث. و تشرف بلدية قلقيلية عل إدراة شؤون البلدة التي أصبحت منذ عام 1965 مركزا قضائيا يحمل اسمها.
يقدر عدد سكان قلقيلية عام 1980 نحو 20,000 نسمة وفي عام 2006 نحو 56000. يعمل معظمهم في الزراعة, و هي الوظيفة الرئيسية للمدينة. و تتركز زراعة الحبوب البعلية و اللوزيات و الخضر في المنطقة الشرقية, في حين تتركز زراعة الحمضيات و الخضر المروية في المناطق الغربية و الشمالية و الجنوبية. و يهتم السكان أيضا بتربية الثروة الحيوانية التي تقوم عليها صناعة منتجات الألبان. ومن أهم المنتجات الصناعية لقلقيلية المواد الغذائية كمنتجات الألبان و الحلاوة و الطحينية و زيت الزيتون و صناعة الصابون و الزجاج.
[تحرير] معالم مدينة قلقيلية
وهناك بعض المعالم الأثرية التي تدل على الجذور التاريخية لهذه المدينة تعود إلى العهد الروماني والعهود الإسلامية من أهمها: 1. صوفين: وهي منطقة شرق قلقيلية امتد إليها العمران. 2. خربة حانوتا: شمال قلقيلية تحتوي على صهاريج منقورة في الصخر وشقف فخارية ومدافن محفورة ومنها منحوت. 3. خربة النبي يامين: تقع جنوب غرب قلقيلية وتنسب إلى أحد أسباط بني إسرائيل . 4. النبي شمعون: شمال غرب المدينة وبها تلال أثرية وبقايا أبنية وبئر ماء . 5. الجامع العمري (مسجد عمر بن الخطاب): وبناء هذا المسجد من الأقواس الأثرية وينسب إلى قلقيلية العديد من العلماء.
[تحرير] مذبحة قلقيلية
نقم الصهيونيون على أهالي قلقيلية قبل فترة طويلة لأنهم رفضوا رغم الإغراءات بيع أي شبر من أراضيهم إليهم وتصدوا لكل الأعمال العدوانية التي قام بها صهيونيو المستعمرات للاستيلاء على أراضيهم و أراضي القرى المجاورة. و قد شعر سكان قلقيلية بالخطر الصهيوني منذ صدور قرار التقسيم فأخذوا يستعدون للدفاع عن قريتهم و جمعوا مبالغ كبيرة من المال اشتروا بها السلاح والذخيرة. وأصبح في القرية قرابة 1,200 مناضل مسلح تعاونوا فيما بينهم على حراسة أراضيهم ورد العدوان عنها و أسهموا في الدفاع عن القرى المجاورة و خاضوا مغارك كثيرة كان النصر حليفهم. و من أهمها معركة قلنسوة و عين ورد و بيار عدس و الطيرة و كفار سابا. و شنوا في بعض الحالات هجمات معاكسة على الستعمرات الصهيونية التي كان ينطلق العدوان منها مثل ((رامات هكوفيش)) و ((كلمانياه)).
لم تنقطع الاشتباكات بين عرب قلقيلية والقرى المجاورة و صهيونيو المستعمرات المجاورة بعد التوقيع على اتفاقية الهدنة الدائمة بين الأردن و((إسارئيل)) بل زادت ضراوة لأن الجيش الإسرائيلي أخذ يشارك فيها. ولم يكتم الإسرائيليون غضبهم من فشلهم في كسر شوكة سكان القرية, حتى إن موشي ديان قال في اجتماع على الحدود إثر اشتباك في حزيران عام 1953: ((سأحرث قلقيلية حرثا)).
في الساعة التاسعة من مساء 10/10/1956 تسللت إلى القرية مفرزة من الجيش الإسرائيلي تقدر بكتيبة مشاة و كتيبةمدرعات تساندهما كتيبتا مدفعية و نحو عشر طائرات مقاتلة فقطعت أسلاك الهاتف و لغمت بعض الطرق في الوقت الذي تحشدت فيه قوة كبيرة في المستعمرات القريبة تحركت في الساعة العشرة من مساء ذلك اليوم و هاجمت القرية من ثلاث جهات مع تركيز الجهد الرئيس بقوى كتيبة المدرعات على مركز الشرطة فيها. و لكن الحرس الوطني تصدوا بالتعاون مع سكان القرية لهذا الهجوم و صمدوا بقوة, مما أدى إلى إحباطه و تراجع المدرعات. و بعد ساعة عاود المعتدون الهجوم بكتيبة المشاة تحت حماية المدرعات بعد أن مهدوا للهجوم بنيران المدفعية الميدانية, و فشل هذا الهجوم أيضا و تراجع العدو بعد أن تكبد بعض الخسائر.
شعر سكان المنطقة أن هدف العدوان هو مركز الشرطة فزادوا قوتهم فيه و حشدوا عددا كبيرا من المناضلين هناك. ولكنهم تكبدوا خسائر كبيرة عندما عاودت المدفعية القصف.و اشتركت الطائرات في قصف القرية و مركز الشرطة بالقنابل. و في الوقت نفسه هاجم العدو مرة ثالثة بقوة كبيرة بقوة كبيرة و تمكن من احتلال مركز الشرطة ثم تابع تقدمه عبر شوارع القرية مطلقا النار على المنازل و على كل من يصادفه. و قد استشهد قرابة سبغين مناضلا من سكان القرية و القرى القريبة الذين هبوا لنجدتها و منيت بخسائر مادية كبيرة.
و كانت وحدة من الجيش الأردني متمركزة في منطقة قريبة من قلقيلية فتحركت للمساعدة في التصدي للعدوان و لكنها اصطدمت بالألغام التي زرعها المهاجمون مسبقا فدمرت لها مصفحة و سيارتان كبيرتان و اشتبكت مع وحدات العدو المكلفة قطع الطرق إلى القرية. و قد قصفت المدفعية الأردنية العدو و كبدته بعض الخسائر. ثم انسحب العدو بعد أن عاث بالقرية فسادا و تدميرا.