لا أعتقد أن يجد اليهــود خيروأنسب من هذه الفــترة السوداء القاتمة
التي تمر بها الأمة وحــالة الفرقــة والصراع المتفاقــم التي تجـتاح
المسلمين لتنفيذ أجنداتهم العقدية والتأريخية المرتبطة بالقـدس وأرض
الميعاد والهيكل والمســجد واسرائيل الكبرى فالعالم الإسلامــي يشهــد
حالة تراجع وتقاتل غير مسبوق على كل الصعد العسكــرية والفكـــرية
والعقدية والتقنية والإقتصادية والأخلاقية وهناك حالة توتر وصراعات
تلهب البلاد الإسلامية التي كان ينبغي أن يكون على كاهلها العــبء
الأكبر والأسبق في لدفاع عن مقدسات المسلمين
إن ارتباط اليهود باسرايئل الكبرى هو ارتباط عقدي ومصـــيري
فالعبادة على العقيدة اليهودية لا تقوم إلا في اسرائيل الكبرى فكل
يهودي يؤمن بالتوراة والتلمود يؤمن في الوقت نفسه بحديثهما عن
( أرض اسرائيل وأرض الميعاد ) وحين يرد اسم اسرائيل في الكتب
المقدسة لدى اليهود فالمراد به ليس اسرائيل المعروفة بحدودها اليوم
وإنما المقصود بها اسرائيل الكبرى والنصوص القديمة والتفسيرات المعاصرة تجمع
على أن حدود الأرض الموعودة من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر
الفرات ومن جبل هور إلى مدخل حماة !!! ففلسطين اليوم ماهي
إلا مجردة قاعدة انطلاق والعلم الإسرائيلي ذو الخطين الأزرقين
يرمزان إلى نهري النيل والفرات فاليهود مصممون على هدم المسجد
الأقصى وهم يستندون إلى المنظمات النصرانية والإنجيلية في الغرب
التي تعتقد أن زمن عودة المسيح وحكم النصارى للعالم ألف عام قد دنا
وقتها وأزفت فرحتها وعيدها وحين عودته في بدائة الألفية سيكون منطلقا
من الهيكل
مخطئ من يظن استحالة قدرة اسرائيل على هدم القدس أو عدم جديتها
أو جرأتها على الإقدام على مثل هذه المغامرة والوقع يشهد أن المسلمين
قد وصلوا إلى مرحلة من الضعف والهوان والتقاتل الداخلي إلى مرحلة لم
يعد من الصعوبة على اسرائيل أن ترتكب مثل هذه الحماقة والبعض يقول
أنه لم يرد نص في القران أو السنة يشهد بهد م الأقصى ونسي هؤلاء أن
الكعبة قد هدمت في عهد الحجاج وأحرقت ومع ذلك لم يرد نص شرعي
يسجل هذه الواقعة بل الواقع يشهد أن هذه المرحلة هي المرحلة الأنسب
لهدمه بحكم وجود المسجد في أيدي اليهود وفي ظل النفوذ الغربي الكبير
على دول المنطقة وفي ظل الصراعات الداخلية بين أبناء الملة الواحدة !
فالأمر جاد والنوايا مبيتة والعمل يسير بتسارع شديد والجرأة تزداد خاصة
بعد أحداث الحرب المستعرة بين حماس وفتح في فلسطين فهل سنصحو من
غفلتنا ونوجه سلاحنا للعدو المشترك وهل الإضرار بالقدس سيكون في
انتفاضة ثالثة وهل سيكون الضماد والبلسم الذي يعيد الوحدة للشعب
الفلسطيني الصابر والقابض على الجمر !
ونحن ينبغي أن نعلم أن القدر لا يحابي أحدا وأن النصر مرهون بالسجال
وأن الدعاء لا يستجاب مالم يواكبه عمل فاليهود يعملون على اعادة الهيكل
الذي هدم مرتين بعدما بناه ابراهيم عليه السلام وشيده سليمان عليه السلام
مرة في عهد الملك البابلي بختنصر والثانية في عهد الإمبراطور الروماني
طيطـــس حيث دمره تدميرا كاملا ولم يبق منه سوى السور الغربـي القائم الذي
يسمــــى البراق وهو السور الذي ربط فيه النبي صلى الله عليه وسلم دابــته
ليلة الإسراء و يسمى عند اليهود بحائظ المبكــــى واليهود من صلب عقائدهم
التوجــه صلاتهم إلى ناحية الهيكل وهو يتشوفون ويتحرقون على اعادة أمجادهم
ويعتقدون بأن المسيح الدجال اليهودي سيحكم العالم من هذا الهيكل وهنا تشابهت
عقائد اليهود والنصارى الإنجيليين في اعتبار هدم المسجد بداية لمرحلة جديدة
ولكن السؤال الذي يفرض نفسه وماذا لو هدم المسجد الأقصى وعاثت
فيه اسرائيل فسادا ودمارا وهنا ينبغي أن نستدرك التأريخ ونتبصر فيه
العبر فقد ضل قوم ليس يدرون الخبر فالتأريخ يقول إن صلبان النصارى
قد ضلت مرفوعة على فوق مآذن المسجد طيلة فترة الإحتلال الصليبي
ولم تنتف عنه صفته الشرعية ولا خصوصيته المسجدية بل بقي المسجد
الأقصى الذي تشد إليه الرحال وتضاعف فيه الصلاة وبقي أولى القبلتين
وثالث الحرمين( وليس له حرم )سواء كان البناء موجودا أو ليس بموجود
وقد تنزلت آيات الإسراء ولم يكن هناك مسجد وصلى فيه الرسول صلى الله
عليه وسلم إماما بالأنبياء