القرني: هناك أخطاء واضحة في مدرستنا الفكرية يجب أن نعترف بها ونعيد النظر فيها نقلا عن الوطن السعودية

القرني: هناك أخطاء واضحة في مدرستنا الفكرية يجب أن نعترف بها ونعيد النظر فيها نقلا عن الوطن السعودية


تطوير المناهج ينبغي أن يكون عن قناعة وليس استجابة لضغوط أمريكا
القرني: هناك أخطاء واضحة في مدرستنا الفكرية يجب أن نعترف بها ونعيد النظر فيها


عوض القرني
الدمام: عضوان الأحمري
بعد تراجع رموز التكفير الثلاثي البارزين ظهرت العديد من وجهات النظر المختلفة والتي تنوعت أيضاً بين المؤيد والمعارض وبين الذي يشك في أن المشايخ تراجعوا طواعية أو كراهية. وفي هذا الحديث نجد تحليلاً من الشيخ الدكتور عوض القرني الذي أوضح وجهة نظره حول تراجع الرموز إضافة إلى حديث عن المناهج والمدارس الفكرية وأحداث العنف التي مرت بها المملكة في الحقبة الماضية من الزمن.
* بعد تراجع ثلاثي التكفير البارزين مازال شباب الجماعات المسلحة يمارسون نشاطهم التخريبي في البلاد بدعوى الجهاد، فما السبب في ذلك؟.
ـ الذي يستقرئ حركة الغلو في العصر الحديث يجد أن هؤلاء المشايخ يشكلون مدرسة، وأن هؤلاء الشباب المسلحين يشكلون مدرسة أخرى، والتقت هاتان المدرستان في وقت متأخر جداً بعد أحداث سبتمبر وبعد الغزو الأمريكي لأفغانستان والعراق التقى الطرفان، وأظن أن هذا الالتقاء لم يكن قائماً على توحد في الرؤى والمنطلقات بقدر ما هو التقاء في منتصف الطريق كما يقال، ومن هنا يمكن أن نفهم لِمَ لَمْ يؤثر تراجع المشايخ على هؤلاء الشباب وأعمالهم، وهذا لا ينفي أن تراجعهم سيؤثر على من يبحث عن الحق ويتلمسه.
* هل ترى أن عدم تراجع هؤلاء الشباب أتى نتيجة لشكوكهم في تراجع رموزهم السابقين؟.
قد يكون هذا السبب هو أحد الأسباب في عدم تراجع هؤلاء الشباب، وأنا أقول يجب أن تكون الحجة مع قول الله تعالى وقول نبيه صلى الله عليه وسلم، ولذلك علماؤنا قديماً رسخوا قاعدة (كلٌ يؤخذ من قوله ويرد) إلا محمد صلى الله عليه وسلم.
* ذكرت أن هؤلاء المشايخ الثلاثة هم ضحية لمدرسة فكرية، فهل هذه المدرسة موجودة؟.
ـ هذه مدرسة لها تأثيرات لدينا في الساحة مختلفة وأخطر ما في تعاملنا مع هذه المدرسة أننا لا نعترف بأخطائها كزهد بشري، فالذي يفتش في الموروث الخاص بنا في فهمنا للكتاب والسنة بهذه القضايا إلى ما قبل مائة سنة أو مائة خمسين سنة يجد في هذه الفترة غلواً بل كان يتعامل مع المخالفين وكأنهم كفار وموجود في الكتب ومدون، والذي يفتش في (الدرر السنية) يجد هذا واضحاً وموجوداً وغيرها من كتبٍ لبعض المشايخ, نحن ما كنا نملك الجرأة على أن نكون موضوعيين ونتمسك بالحق بقوة وننقد أنفسنا قبل أن ينقدنا الآخرون وننقد الأخطاء التي تقع منا ومن مدرستنا الفكرية ونذكر هذا ولكنه مضى زمن ونحن ندافع دفاعاً مطلقاً عن خراج مدرستنا الفكرية وما زلنا نقول إن السبب في هذا الغلو الحاصل هو بسبب خارجي وهذا كلام خاطئ، والصحيح أن السبب الخارجي أحد الأسباب وليس كلها.
* ما رأيك في بعض رجال الدين الذين مازالوا يصرون على إطلاق لفظ "الشباب المجاهد" أو "شباب الجهاد" على أولئك المسلحين؟.
ـ في مقابلة سابقة معي على الإنترنت قلت: إن كان يراد بالجهاد الشعيرة الشرعية فإنه سيبقى ما بقيت السموات والأرض، أما إن كان جهاداً يراد به تياراً فكرياً محدداً معيناً يسمى بالجهاد فهذا من باب الاصطلاح أو التعريف بهم، ولكن الجهاد بعيد عنهم كل البعد، فهم أقرب للغلو منه إلى الجهاد، ولكنهم ليسوا على وتيرة واحدة في غلوهم.
* وما رأيكم بما يردد من مثل: (الجهاد في جزيرة العرب)، (أخرجوهم من جزيرة العرب)؟.
ـ هذا الكلام مرفوض على الإطلاق، مهما كان لدينا من أخطاء، فهذا لا يبرر لنا الخروج على الحاكم إلا حينما نرى كفراً بواحاً وشريطة أن يكون في هذا الخروج مصلحة للمسلمين. نعم هناك أخطاء ولن نسكت عليها، ولكن تعالج معالجة شرعية، والظروف التي يعيش فيها المسلمون يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار. فمثلاً زمام قيادة الأمور والقوة في أيدي دول كافرة. وأمر آخر نغفل عنه، ألا وهو أن الكافر الغربي إذا أمنته امرأة أو شيخ فيجب أن نؤمنه فهؤلاء الذين جاؤوا من بلادهم بأمر من الحاكم والحكومة وحتى وإن لم يكن تأمينهم شرعياً فلا يجوز قتلهم، فما ذنبهم هم أن يؤتى بهم ثم يقتلون؟!.
* بعض العلماء البارزين رفضوا المشاركة في الحوار الوطني ويطالبون بمحاورة الشباب المسلح، فما رأيك؟.
ـ أنا لا أعبر عن آراء الآخرين، ولكن أقول إن كل من رفض المشاركة في مركز الحوار الوطني مخطئ ابتداءً، فهي فرصة أتيحت لنا، فلماذا لا نجربها ونحاول تطويرها ؟، النبي صلى الله عليه وسلم لم تتح له فرصة للحوار مع الكفار إلا وفعل.
* على الرغم من التفاعل الملحوظ من قبل أغلب فئات المجتمع مع الحملة الوطنية لمكافحة الإرهاب إلا أنه مازالت هناك فئة من الخطباء غير متفاعلين تقريباً مع الحملة، وذلك من خلال خطبهم التي ألقيت منذ الأحداث، فما رأيكم؟.
ـ أمامنا ثلاث نقاط يجب أن نتحدث عنها. أولاً يجب أن يكون موقفنا واضحاً من الأعمال التخريبية الأخيرة ألا وهو الإنكار وذلك لحرمتها. ثانياً: الأمن هو جزء من العلاج وليس العلاج. ثالثاً: يجب أن تتضافر جهودنا سوياً للوقوف في وجه كل من يريد استئصال الإسلام من هذا البلد وغلو بعض المتحدثين في الصحف أو الفضائيات هو الذي يشجع الشباب على حمل السلاح.
* ما رأيكم في بعض الشباب المتحمسين حينما يقرأ مقالاً واحداً فقط مثلاً لأحد الكتاب أو الصحفيين يأخذ في السب والشتم والتكفير ونحو ذلك؟.
ـ الأصل أن يرجع في هذا إلى أهل العلم وهذا الدفاع سببه دفاع من طرف آخر، فالذي كتب في صحيفة توزع 50 ألف نسخة ويوجد بها استهزاء بالدين وعلماؤنا يقولون بأن الاستهزاء بالدين كفر، وحينما يقوم شاب في حضرة خمسين أو ستين شخصاً ويدعو على ذلك الكاتب يستشيط غضبنا ونحن لم نتفوه بكلمة واحدة على ذلك الكاتب الذي كان استهزاؤه واضحاً. وهناك مشكلة أن البعض يتعاملون مع العلماء إما بالتقديس أو التنجيس أو بالتعصيم أو التصنيم.
* وما رأيكم بمنتديات التحريض الإلكترونية ذات الصبغة الدينية أو الجهادية، هل لها تأثير واضح في نفوس الشباب؟.
ـ نعم لها تأثير كبير، ولكن على السذج والذين ليس لديهم علم أو ممن ليس لديهم منهجية شرعية في كيفية الحصول على المعلومة أو الخبر ونتمنى أن نجد هذه المنهجية مكرسة وموجودة.
* بعد الهجوم على المناهج أخيراً والذي أغضب الكثيرين ثبت أن لها تأثيرها الواضح على الشباب وذلك من خلال عدم الفائدة بسبب الترتيب أو نوع المواد المختارة فما رأيكم؟. وفي بعض المواد مثل مادة التفسير, كلام مكرر فلا يوجد بها أية معلومة عن كيفية تفسير الآية أو فهم النص مثلاً؟.
ـ نعم، هناك خلل في المناهج، ولكن جميل أن نراجعه عن قناعة منا وليس استجابة لضغوط أمريكية، وهناك ثوابت لا يمكن تغييرها، دعهم ينتزعوا من المناهج ما استطاعوا فهناك ثوابت في كتاب الله لا يمكن أن تغير.
* نصيحتكم للشباب المسلح بعد أن تراجع رموزهم؟.
ـ أقول لهؤلاء الشباب. كفى ورفقاً بأنفسكم وبدمائكم ودماء الأبرياء، ففي فعلكم هذا تفكيك للمجتمع ولفت أنظار الغرب علينا. وكلمة أخيرة: يجب أن ينظر إلى المشاكل بتأنٍ وبعد نظر حتى يمكن علاجها تماماً دون وجود للبقايا.